souzy
عدد المساهمات : 615 نقاط : 1883 تاريخ الميلاد : 08/07/1975 تاريخ التسجيل : 16/06/2009 العمر : 49
| موضوع: عدة مباحث مهمة في اسماء الله تعالى للشيخ العثيمين 30/5/2010, 12:31 am | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]عدة مباحث مهمة في اسماء الله تعالى للشيخ العثيمين وأسماء الله سبحانه وتعالى البحث فيها من عدة أوجه :
البحث الأول : أسماء الله سبحانه وتعالى كلها حسنة ليس فيها نقص بوجه من الوجوه ولا بحال من الأحوال ، قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأعراف:180) ) .
وقال تعالى : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الحشر:23) (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(الحشر: الآية 24) فوصفها باسم التفضيل فليس فيها نقص بوجه من الوجوه .البحث الثاني : أن أسماء الله تعالى مشتقة ، أي أنها تتضمن معاني وأوصافا فكل اسم منها يتضمن الصفة التي اشتق منها ، حتى اسم ( الله ) يتضمن صفة وهي الإلوهية ، فأسماء الله تعالى إذاً أعلام دالة على صفة ، ولولا ذلك ما كانت حسنى ،
لأنها إذا لم تتضمن معنى صارت أسماء جامدة لا معنى لها ، وإذا كانت أسماء جامدة لا معنى لها فلا توصف بالحسنة ، والله عز وجل وصفها بأنها حسنة أي بالغة في الحسن كماله .
إذا ما من اسم إلا ويتضمن صفة وقد يتضمن بعضها صفتين أو أكثر ، عن طريق الالتزام ، يعني من باب دلالة اللزوم أو الالتزام .
فمثلا الخلاق من أسماء الله ، قال تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (الحجر:86) ، فالخلاق يتضمن صفة الخلق ، ويستلزم صفة العلم والقدرة إذ لا خلق إلا بعلم وقدرة ، فهو إلى على الخلق بمقتضى مادته ، ودال على العلم والقدرة بلازمه ، فالخلاق دال على الخلق بمقتضى المادة ،
لأن الخلاق من الخلق ، ودال على العلم والقدرة دلالة التزام ؛ لأن من لازم الخلق العلم والقدرة ، فمن لا علم عنده لا يمكن أن يخلق ، إذ كيف يخلق وهو لا يعرف أن يخلق ؟ ومن لا قدرة عنده لا يخلق ؛ إذ كيف يخلق وهو ضعيف ؟ ونضرب مثلا في الإنسان ، فإذا قيل لإنسان : اصنع لنا مسجلا ، وهو إنسان عنده المواد الخام ، وعنده قدرة ونشاط وذكاء ، لكن ليس عنده علم . فهذا لا يمكن أن يصنع المسجل لعدم علمه. وإذا كان هناك إنسان عنده علم ، فهو مهندس ودارس ويقرأ ويعرف ، لكنه مشلول لا يقدر أن يصلح شيئا ، فهذا لا يقدر أن يصنع المسجل لعدم القدرة .
إذا اسم الله الخلاق تضمن ثلاث صفات : الخلق ، والعلم ، والقدرة ،ولهذا قال الله عز وجل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق:12) ،
يعني أخبرناكم بذلك لتعلموا أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ، ولولا علمه وقدرته ما خلق السموات والأرض
ويعبر عن هذا البحث بأن أسماء الله أعلام وأوصاف ، فباعتبار دلالتها على الذات هي أعلام ؛ وباعتبار دلالتها على المعاني هي أوصاف. ويترتب على هذا البحث : هل أسماء الله متباينة أو مترادفة ؟ والجواب أن نقول :إما باعتبار دلالتها على الذات فهي مترادفة ؛ لأنها دلت على شيء واحد وهو الله ، وأما باعتبار دلالتها على المعنى فهي متباينة ؛ لأن لكل اسم منها معنى غير المعنى في الاسم الآخر .
والمترادف : هو متعدد اللفظ متحد المعنى ، والمتباين : هو متعدد اللفظ والمعنى ، فحجر وإنسان متباين ؛ لأن اللفظ مختلف والمعنى مختلف ، وبشر وإنسان مترادف ؛ لأن اللفظ متعدد والمعنى واحد . فالله والرحمن ، والرحيم ، والملك ، والقدوس ،والسلام ، إلى آخر ما ذكر في سورة الحشر باعتبار دلالتها على الله ،فهي مترادفة لأنها تدل على شيء واحد ، وباعتبار دلالة كل واحد منها على معناه فهي متباينة .
الوجه الثالث : أسماء الله عز وجل غير محصورة بعدد معين ، ولا يمكن حصرها لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور - حديث ابن مسعود رضي الله عنه - في دعاء الغم والهم قال : (( أسالك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ،أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ... )
(1)إلى آخره ، الشاهد قوله : (( أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) وهذا يدل على أن من أسماء الله ما استأثر الله به ، وما استأثر الله به فلا يمكن الوصول إليه ؛ لأنه لو أمكن الوصول إليه لم يكن مستأثرا به ، ولهذا قال : (( استأثرت به في علم الغيب عندك ) ، فإذا ليست أسماء الله محصورة ، ولا يمكن حصرها .
فإذا قال قائل : كيف نجمع بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم : (( إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة )؟_2) فالجواب : أن هذا الحديث الثاني لا يدل على الحصر ، وإنما يدل على حصر معين ، وهو أن من أسماء الله تسعة وتسعين اسما إذا أحصيتها دخلت الجنة ، يعني إذا أحصيت تسعة وتسعين اسما من أسماء الله فانك تدخل الجنة . ونظيره لو قلت : عندي عشر سيارات أعددتها لحمل البطحاء ، فليس معنى ذلك انه ليس عندك إلا هذه العشر ، لكن هذه العشر خصت بأنها معدة لحمل البطحاء ، وقد يكون عندك سيارات أخرى معدة لحمل الخشب ، وأخرى معدة لحمل الرجال ، وأخرى لحمل الأمتعة ، ومثل هذا التعبير لا يدل على الحصر . فإذا قال قائل : ما الفائدة من هذا الكلام إذا قلنا إنه لا يدل على الحصر ؟ قلنا : الفائدة من أجل أن يبحث المكلف عن هذه الأسماء من الكتاب والسنة حتى يدركها ، وإلا لسردها لنا النبي صلى الله عليه وسلم سردا ونستريح ، لكن من أجل أن يبتلي الله الإنسان الحريص من غير الحريص . فالحريص هو الذي يبحث عن الشيء حتى يصل إليه وغير الحريص هو الذي يقول إن كان الشيء سهلا أخذته ،
وإن كان صعبا يحتاج إلى مراجعة والى بحث فلا حاجة لي به . البحث الرابع : حكم التسمي بأسماء الله سبحانه وتعالى ؟ إن من أسماء الله ما لا يسمى به غيره ، مثل الله ، فلا يمكن أن نسمي أحداً بهذا الاسم لا على سبيل إرادة المعنى ، ولا على غيره ، كذلك اسم الرحمن أيضاً ، قال العلماء رحمهم الله : لا يجوز أن يسمى به غيره ولا يوصف به غيره ؛ لأن الإلوهية والرحمة الواسعة الشاملة التي هي وصف لازم للراحم ؛ هذه لا تكون إلا لله . أما بقية الأسماء فهي إن قصد بها ما يقصد بأسماء الله من الدلالة على العلمية والوصفية فإنها ممنوعة ، وإن قصد بها مجرد العلمية فليست ممنوعة ، فالحكم والحكيم من أسماء الله ، فإذا سمينا شخصا بالحكم أو بحكيم ولم نقصد معنى الحكمة فيه ولا معنى الحكم فهنا لا باس به ، وفي الصحابة رضي الله عنهم من اسمه حكيم
، وفيهم من اسمه الحكم .
وإن قصدنا بذلك المعنى الذي اشتققنا منه هذا الاسم فهذا لا يجوز ، لأن هذا من خصائص أسماء الله ، فهي التي يراد بها الاسم والوصف ، ولهذا إذا سمينا رجلا بصالح فإنه جائز ولا يغير الاسم ، لأننا ما قصدنا بذلك التزكية ، أي وصفه بالصلاح وأننا ما سميناه صالحا إلا لأنه صالح ؛ سمينا صالحا مجرد علم . كذلك إذا سمينا شخصا بسلمان فليس لأنه سالم ، بل قد يكون من أتعس الناس ، يوما تكسر رجله ، ويوما تكسر يده ؛ ويوما يفلق رأسه ، ويوما يخدش ظهره ، وليس فيه السلامة ، ومع ذلك نسميه سلمان ، وكذلك سليمان . فالمهم انه إذا لم يقصد المعنى في الاسم فإنه جائز لمجرد العلم فقط . البحث الخامس : أن أسماء الله تعالى توقيفية وليس لنا أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه .
قال المؤلف رحمه الله : ( لكنها في الحق توقيفية ) : (لكنها ) : أي أسماء الله عز وجل ، ( في الحق ) أي في القول الحق الصحيح ، ( توقيفية ) أي موقوفة على ورود الشرع بها ، والتوقيفي هو الذي يتوقف إثباته أو نفيه على قول الشارع ، فهي توقيفية لا يجوز لنا أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه . ودليل ذلك من الأثر والنظر : أما من الأثر : فقوله تعالى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33) وإثبات اسم من أسماء الله لم يسم به نفسه هذا من القول عليه بلا علم ، فيكون حراما ،
وقال تعالى : (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:36) وإثبات اسم لله لم يسم به نفسه من قفو ما ليس لنا به علم .أما من النظر : أولا : فلأن اسم المسمى لا يكون إلا بما وضعه لنفسه ، وإذا كان الناس يعدون من العدوان أن يسمى الإنسان بما لم يسم به نفسه أو بما لم يسمه به أبوه ، فإن كون ذلك عدوانا في حق الخالق من باب أولى ،
فلو أن رجلا اسمه محمد وناداه آخر : يا عبد الله ، وكلما ناداه أو راسله سماه عبد الله ، لغضب من ذلك ، ورأى أن ذلك تعد عليه ، فإذا كان هذا في حق المخلوق ، فهو في حق الخالق أعظم .
ثانياً : من الدليل النظري أيضاً أن الله قال : ((وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(الأعراف: الآية 180)) ، الحسنة البالغة في الحسن كماله ، وأنت إذا سميت الله باسم فليس عندك علم أنه بلغ كمال الحسن ، بل قد تسميه باسم تظن انه حسن ، وهو سيئ ليس بحسن .
وهذا أيضاً دليل عقلي يدل على انه لا يجوز أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه . فهذه أربعة أدلة ؛ دليلان أثريان أو شرعيان ؛ ودليلان عقليان نظريان .
ولهذا قال المؤلف رحمه الله : ( لنا بذا أدلة وفيه ) . ( لنا بذا ) : المشار إليه القول بأنها توقيفية . ( أدلة وفية ) أي كافية وافية بالمقصود .
المصدر : شرح العقيدةالسفارينية للشيخ العثيمين رحمه الله
| |
|