souzy
عدد المساهمات : 615 نقاط : 1883 تاريخ الميلاد : 08/07/1975 تاريخ التسجيل : 16/06/2009 العمر : 49
| موضوع: شرح حديث ( بينما النبي يخطب إذا هو برجل قائم...) 12/6/2010, 3:19 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]عن أبن عباس رضي الله عنهما قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم ، فسال عنه فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ، ولا يستظل ولا يتكلم ، و يصوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مروه فليتكلم وليستظل ، وليتم صومه ) رواه البخاري (189).
الشــــــــــــرح
ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ في باب الاقتصاد في العبادة هذا الحديث ؛ الذي نذر فيه رجل يقال له أبو إسرائيل ؛ أن يقوم في الشمس ولا يقعد ، وأن يصمت ولا يتكلم ، وأن يصوم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، فرأى هذا الرجل قائماً في الشمس ، فسأل عنه فأخبر عن قصته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ) .
وهذا النذر كان قد تضمن أشياء محبوبة إلى الله عز وجل ، وأشياء غير محبوبة ، أما المحبوبة إلى الله فهي الصوم ؛ لأن الصوم عبادة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه )(190) ، وأما وقوفه قائماً في الشمس من غير أن يستظل ، وكونه
لا يتكلم ؛ فهذا غير محبوب إلى الله عز وجل ، فلهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل أن يترك ما نذر . وليعلم أن النذر اصله مكروه ، بل قال بعض العلماء : أنه محرم ، وأنه لا يجوز للإنسان أن ينذر ؛ لأن الإنسان إذا نذر كلف نفسه ما لم يكلفه الله ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال ( إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل )(191) ، ولكن إذا قدر أن الإنسان نذر فالنذر أقسام: قسم حكمه حكم اليمين ، وقسم آخر نذر معصية ، وقسم ثالث نذر طاعة . أما الذي حكمه حكم اليمين ، فهو الذي قصد الإنسان به تأكيد الشيء ؛ نفياً أو إثباتاً أو تصديقاً أو تأكيداً ، ومثاله : إذا قيل للرجل أخبرتنا بكذا وكذا ولكنك لم تصدق ، فقال : إن كنت كاذباً فلله على نذر أن أصوم سنة ، فلا شك أن غرضه من ذلك أن يؤكد قوله ليصدقه الناس ، هذا حكمه حكم اليمين ؛ لأنه قصد بذلك تأكيد ما قال ، وكذلك أيضاً إذا قصد الحث ؛ مثل أن يقول : إن لم افعل كذا فلله على نذر أن أصوم سنة ، فهذا أيضاً قصد الحث وأن يفعل ما ذكر ، حكمه حكم اليمين أيضاً ، ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى )(192) ، وهذا نوى اليمين فله ما نوى .
أما القسم الثاني : فهو المحرم فالمحرم إذا نذره الإنسان يحرم عليه الوفاء به ، مثل أن يقول : لله عليه نذر أن يشرب الخمر ، فهذا نذر محرم، فلا يحل له أن يشرب الخمر ، ولكن عليه كفارة يمين على القول الراجح ، وإن كان بعض العلماء قال : إنه لا شيء عليه ، لأنه غير منعقد ، ولكن الصحيح أنه نذر منعقد ، ولكن لا يجوز الوفاء به ، ومثل ذلك أن تقول المرأة : لله عليها نذر أن تصوم أيام حيضها ؛ فهذا حرام ، ولا يجوز أن تصوم أيام الحيض ، وعليها كفارة يمين . أما القسم الثالث : فهو نذر الطاعة ، أن ينذر الإنسان نذر طاعة ، مثل أن يقول : لله على نذر أن أصوم الأيام البيض ؛ وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، فيلزمه أن يوفي بنذره ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) ، أو يقول : لله علي نذر أن اصلي ركعتين في الضحى ، فيلزمه أن يوفي بنذره لأنه طاعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من نذر أن يطيع الله فليطعه ) .
فإن اشتمل نذره على طاعة وغير طاعة ؛ وجب أن يوفي بالطاعة ، وغير الطاعة لا يوفي ، ويكفر كفارة يمين ، مثل قصة الرجل ، حيث نذر أن يقوم في الشمس ، وألا يستظل ، وألا يتكلم ، وأن يصوم ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصوم لأنه طاعة ، ولكنه قال في القيام، وعدم الاستظلال ، وعدم الكلام ؛ مروه فليستظل وليقعد وليتكلم ، وكثير من الناس اليوم إذا استبعد الأمر أو أشفق عليه ينذر ؛ فمثلاً : إذا مرض له إنسان ؛ قال : لله علي نذر إن شفى الله مريضي لأفعلن كذا وكذا ، فهذا منهي عنه ، إما نهي كراهة أو نهي تحريم ، اسأل الله العافية لمريضك بدون نذر ، لكن لو فرضنا أنه نذر ؛ إن شفي الله مريضه أن يفعل كذا وكذا فشفاه الله ، وجب عليه أن يوفي بالنذر . والله الموفق .
| |
|